دائما ما نعيش حنين الماضي و نبحر بين أمواج الشوق ، راكبين زوارق الأمل
المحض و نجدف بكلماتنا الهشة المجوفة ، نعم ، تلك هي حالنا ، أمة المجد و
العزة التي أصبحت أمة الفقر و العازة ، فكم عشنا أيامنا بين القصور الفارهة
التي ملئتها الآيات و الأبيات ، و كم ملئنا المساجد تكبيرا و تهليلا بعد
أن سلبنا الخطيب بخطبته ، و كم فتحنا أقاصي البقاع و دانيها بسيف الحق و
كلمة التوحيد ، و كم ازدانت بيوتنا بكتب العلم و آلات المعرفة ، و لكننا
اليوم للأسف نعيش الحنين و نسينا روح الحضارة و نبض القوة فمنذ أن اشتغلنا
بالدنيا عن الدين ، و منذ أن جعلنا أعدائنا قدوة و إمام ، و منذ أن شملنا
ثوب القناعة بحال الذل و الهوان ،سار ركب التقدم و القوة و الحضارة لقوم
آخرين ، إن الأمر جلي و كذلك حله واضح بيّن ، فليس حله في نظريات الأحزاب و
أفكارها البشرية و لكنها في منهج الإسلام الرباني و شريعته الإلهية ، إن
الحل في الإسلام الذي كنا به قادة العالم و سادته ، و ليس يتبدل حالنا هذا
إلا بنهوض أهل الإسلام أنفسهم ، و الأمل معلق في شبابهم ، فبهم تكون الصحوة
و بهم تكون النهضة ، و لا يكون تَقدُّمٌ إلا بعلم و خبرة و كذلك أمر الأمم
إذا بدئت في مشوارها نحو القمة ، ثم يكون العمل بذلك العلم ، فما العلم
إلا بوادر العمل و أحد متطلباته الرئيسة ، و ليعلم الإنسان المسلم أن نهضة
أمته و إشراق شمس حضارته لا يكون بتعلقه بحضارة أخرى ، و إنما هي
الإستفادة من علوم الغير و ترسيخها لتخدمه و تعينه على الإبداع و التطور و
ابتكار الجديد و صد شبح الجهل و التخلف عنه ، فإن كنا سائرين نحو القمة ،
فعلينا أن نبدأ بطلب علوم الغير و تعريبها و البحث في المجهول نحو الحقيقة و
لا غيرها ، و ليكن الله في عون أمتنا الخالدة و أبنائها.
بقلم : قصي بن خلفان النعيمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق