لعل
أي قارئ عندما يقرأ كلمة التنين فإن ذهنه يتجه به نحو حضارات الشرق الأقصى
، نحو أساطيرهم و حكاياهم التي تمتلأ بالتنانين و غيرها ، و ربما توجه
فكره نحو أقصى الشمال الغربي ، نحو أرض الفايكنج ، ليتذكر قصصهم المشحونة
بأخبار التنانين الغاضبة و ضحاياها المفقودين ، إلا أن العرب و المسلمين
كذلك كان لهم الحظ الأوفر من تلك القصص و الحكايات ، و كما أن لكل قصة
تنينها الخاص و حكايتها الخاصة فلقد كان للمسلمين أيضا التنين الخاص و
القصة المختلفة ، قلقد تأثرت كل قصة برواتها و بطبيعة الأمم التي نشأت
فيها ، فالتنين لدى العرب و المسلمين مرتبط أشد الأرتباط بالدين ، بل أصبح
لدى البعض مفصلا من مفاصله ، و مع تناقل قصصه بين الناس بدء شكله بالتكون
في الأذهان و العقول ، لا على أساس و تجربة أو دليل من السنة و القرآن ، بل
هي الأخبار المتناقلة و التراث الشفهي الذي لو يضبطه العالمون و لم يهتم
بصيانته المتخصصون ، فهو لدى المسلمين ( كالنخلة السحوق في طوله ، له جسم
كالليل ، أحمر العينين ، له فم واسع ....) ، و تكثر الأوصاف و تزيد كلما
أنتقلت من راو لآخر ، و تتعدد القصص حوله فمن قائل أنه يكون في البداية
حيوانا عاديا ثم يتمرد و يطغى على حيوان البر فيستغيث منه ، فينقله الله
للبحر فيتمرد و يطغى على حيواناته ، وكذلك تستغيث هذه الأخرى ليلقي الله به
في جهنم و يعذب به الكافرين ، و غيرها من القصص التي تتعدد و تبقى ضمن
دائرة الدين في ما تتطرق إليه ، و لعل ما شجع ذلك بعض الأحاديث ( أحاديث لم
تصح عن النبي ) هي ما حفزت المسلم قديما كي يتلهف للمزيد من قصص التنانين ،
فيأتي دور القاص ( من يتخذ رواية القصص مهنة ) كي يشبع ذهنه بشتى الحكايات
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق